سوريا مهد الحضارة .. البوابة الشرقية للعالم العربي
لعبت سوريا دوراً فريداً في تاريخ البشريّة. و كثيرًا ما توصف بمهد الحضارات , حيث أن كثيراً من أعظم الإنجازات البشريّة التي انتشرت لتشمل العالم كانت بداياتها في سوريا القديمة . اكتشف الإنسان في هذه الأرض أسرار الزراعة و استخلاص المعادن و اخترع الأحرف الأولى, الدّيانات , الفلسفات , لغة التّجارة , نظم التّطوّر المدني, و التّبادل الثّقافي و الدّبلوماسي, حيث نبت كلّ هذا في سوريا الجغرافيّة.لهذا يقال, إنّ كلّ رجل مثقّف ينتمي إلى أمّتين : أمّته الأم , و سوريا .
تعتبر دمشق ( الشام أو دمشق كما نسمّيها ) أقدم مدينة في العالم . حيث تبين الاكتشافات الحديثة أن دمشق أُسّست أوّلاً عام 6000 قبل الميلاد, ولكن أبحاثاً أخرى تقول أنها أقدم من8000 قبل الميلاد. لكننا لا نعرف بالتّحديد من حكم دمشق في ذلك الوقت . تقول قصّة قديمة أن اسم شام مشتق من شيم, الابن الأكبر لنوح لأنه اختار أن يعيش هناك بعد الفيضان.
لكن ليس هناك معرفة حقيقيّة عن طبيعة دمشق في ذلك الوقت . أسلوب حياة أهل الشام في ذلك الوقت غير واضح. يبدأ التاريخ الموثّق لبدايات دمشق في نصف الألفيّة الثّانية قبل الميلاد , في فترة الآراميين. أصبحت المدينة في ذلك الوقت العاصمة لإمارة آرامية. كان الآراميون عرباً يتكلمون العربية باللهجة الشمالية الّتي تسمى السريانية, نشأوا في شبه الجزيرة العربيّة حيث أصبحت دمشق محور لممالك آراميين , كما وثّق في العهد القديم .
و لا يمكننا فهم الدور السوري والشخصية السورية إلا من خلال إدراك البعد الحضاري المتميز ، الذي ساعد فيه بشكل أساسي الموقع المتميز والممتد على البحر المتوسط وامتداد سواحلها مما مكنها من الاتصال بالعالم والتفاعل معه.
وكان للإمكانيات الزراعية الكبيرة دور في التأكيد على الدور الحضاري لسوريا.
ولم يكن التميز للشخصية السورية عبر الحضارة الآشورية أو البابلية فقط ، بل تأكد ذلك من خلال الدور الذي لعبته في عهد الإمبراطورية الرومانية ، ثم كانت قمة التألق خلال عصور الدولة الإسلامية . ومنذ أن دخلها معاوية بن أبي سفيان وسوريا شديدة التأثير في القرار العربي والإسلامي ، فقد جعلها درة الدولة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب ، ثم جعلها عاصمة الدولة الأموية بعد ذلك.
وطوال فترات التاريخ كانت سوريا هي المدخل الشرقي للعالم العربي ، وكانت اللحظة التاريخية حينما يكتمل حائط الصد بانضمام مصر لسوريا ، فعندها تتغير الأمور وتميل كفة العرب.
--------------------------------------------------------------------------------