نشوء الثقافة و الحضارة في سورية :
لنعطي تحديدا" و تعريفا" للثقافة /الحضارة، فهي مجمل المعارف و العقائد و الفنون و الأخلاق و الأعراف و القوانين ، و كل مهارة أو عادة اكتسبها الانسان بوصفه عضوا" في مجتمع ما ، نتيجة تفاعله مع البيئة الطبيعية و مجاله الحيوي الطبيعي .
و إذا شئنا تحديد تعريف للثقافة المجتمعية لقلنا : أنها تفاعل مجتمع ما مع بيئته الطبيعية و مجاله الحيوي الطبيعي، بما يؤدي الى نشوء خصوصية ثقافية- حضارية لهذا المجتمع، تميزه عن ثقافات المجتمعات الأخرى . ومن هنا تنبع نسبية القيم و المعايير و الرموز بين المجتمعات الإنسانية .
و طالما أننا حددنا ظهور الإنسان في سورية نحو مليون سنة فإننا سننطلق اعتبارا" من هذا التاريخ في رصد لتطورات الحضارة المشرقية العربية.
فمن موقع ست مرخو في اللاذقية، جاء أول كشف عن وجود إنساني في سورية حيث عثر على أدوات ذلك الانسان الحجرية، التي صنعها و استخدمها في تفاعله مع البيئة و صراعه معها، حيث تم العثور على فؤوس و معاول و قواطع و سواطير و شظايا و نوى ، كما قدم موقع خطاب في حوض العاصي معطيات أثرية كانت عبارة عن أدوات حجرية صغيرة ، ثم و في فلسطين سوف يظهر موقع العبيدية، أدواتا" أكثر تطورا" و تقنية من أدوات ست مرخو ، ذلك أن هذا الموقع / العبيدية / يعود الى حوالي 700,000 سنة .
و إذا كان موقع ست مرخو قد قدم الدليل الأول على وجود أول إنسان في بلاد الشام و المشرق العربي القديم، فإن موقع العبيدية قدم آثارا" إنسانية للإنسان المنتصب كانت عبارة عن أجزاء من جمجمة و أسنان .4
و عليه فلابد أن نتتبع الخطوط الأساسية لعوامل نشوء الحضارة في المشرق العربي القديم ، عنيت بذلك الدماغ بوصفه المحرك الأول للنشاط الحسي – الحركي عند الانسان، و البيئة والوسط الطبيعي المحيط،