المراهقة هي مرحلة طبيعيّة من العمر يمر بها كلّ إنسان , و هي فترة انتقاليّة من الطّفولة إلى الشّباب , و تتميّز هذه الفترة بنمو عقليّ و جسميّ
و وجدانيّ , و من هنا تأتي أهميّة هذه المرحلة باعتبارها مرحلة بناء الشّخصيّة و اتّخاذ الآراء و المواقف المستقلّة عن الأهل , حيث ينظر المراهق إلى
العالم المحيط به من منظور جديد فيرى الأمور من زاوية أخرى تختلف عن رؤيته الطّفوليّة السّابقة و بناءً على هذا يبني رأيه الخاصّ تجاه كلّ شيء سواء كان
هذا الشّيء أشخاص أو مؤسّسات أو قيم.
و هناك الكثير من الاعتقادات الخاطئة عن المراهقة مثلاً -المراهقة مرحلة هياج و اضطراب , أو الوهم القائل بحتميّة الصّراع بين المراهق و الأهل , أمّا
الاعتقاد الأكثر خطورة فيقول : المشكلات الّتي قد يتعرّض لها المراهق طبيعيّة و تنتهي من تلقاء نفسها بانتهاء مرحلة المراهقة , و هذا أكبر خطأ
فالمشكلات الّتي تواجه المراهق شأنها شأن أي مشكلات أخرى بحاجة لمراقبة و انتباه و مساعدة من قبل الأهل و الأصدقاء و الطّبيب النّفسيّ أحياناً كي
يتم تجاوزها بسلام , و في حال إهمال هذه المشكلات ستترك آثاراً سلبيّة على المراهق قد تمتد لحياته المستقبليّة حيث أثبتت الإحصائيّات أنّ أغلب
المشكلات النّفسيّة لدى الرّاشدين تعود جذورها لمرحلة الطّفولة و المراهقة.
و تختلف المراهقة من شخص لآخر فالبعض يمرّون بها دون متاعب في حين يعاني البعض الآخر كثيراً من المشكلات سواء في التّعامل مع أهلهم أو في
التأقلم مع محيطهم , و المسؤوليّة الكبرى في ذلك تقع على عاتق الأهل بسبب عدم تفهّمهم لمتطلّبات المرحلة و عدم مسايرة المراهق و مراعاة
حساسيّته , كما يقع جزء من المسؤوليّة على المراهق نفسه في حال قلّة صبره و وعيه أو ضعفه أمام نظرات المجتمع المحيط به.
و نلاحظ أنّه في القديم لم يكن للمراهقة تلك التعقيدات و السّبب في ذلك بساطة الحياة و التّوازن بين النّمو الجسميّ و الاجتماعيّ و التّعليميّ , أمّا اليوم
فقد زادت تعقيدات الحياة و أضحى النّمو الجسميّ يسبق النّمو الاجتماعيّ و التّعليميّ حيث يتحوّل الطّفل إلى شاب مكتمل النّمو و لكنّه غير قادر على
الاستقلال الاجتماعيّ بعد و هذا ما يسبّب له قلقاً من المستقبل , و في القديم كانت تختلف طريقة تعامل الأهل مع أولادهم فعندما يصبح الابن بالغاً كان
يتم تعليمه مهنة أبيه بالنّسبة للشّاب أمّا الفتاة فتتعلّم القيام بالأعمال المنزليّة و هذا كلّ شيء , أمّا اليوم فمن واجب الأهل إعالة ابنهم حتّى يكمل
تعليمه و يختص في المجال الّي يحبّه و من ثمّ إيجاد عمل مناسب و بعدها يحتاج لعدّة سنوات حتّى يستقرّ وضعه و يصبح قادراً على الاستقلال الاجتماعيّ
و الاقتصاديّ , و عندها يكون الشّاب قد تجاوز المراهقة منذ زمن و أصبح في منتصف العمر.