عندما تكون الزّيادة متناسبة مع الموارد و مع القدرة على تأمين احتياجات الجميع لا يكون هناك مشكلة ؛ و لكن عندما تفوق الزّيادة حدّها الطّبيعي تظهر
الحاجة لحلول , و هنا يأتي الدّور على الدّولة و كذلك أفراد المجتمع.
بالنّسبة للأفراد : لا بدّ من توافر الوعي و لاسيما في عصرنا الحالي فالمسؤوليّات المتزايدة و ضغوط الحياة و متطلّباتها استوجبت توفّر التّفكير السّليم و
إدراك أنّ العدد الأقلّ يلقى العناية الأكبر من مختلف النّواحي.
أمّا دور المجتمع فيكون بالتّوجيه و نشر الوعي السّكانيّ و تعزيزه من خلال البرامج الأسريّة و النّدوات و الجمعيّات المختصّة , و هذا ما يساعد على تنظيم
عدد السّكان لتجنّب الزّيادة الكبيرة , كما أنّ تحقيق مبدأ الاكتفاء الذّاتيّ يساهم كثيراً في تلبية الاحتياجات المتزايدة و يجنّب الدّولة المشاكل الغذائيّة.
و في بعض الدّول صدرت قوانين صارمة في تحديد النّسل كما هو الحال في الصّين الّتي تجاوز عدد سكّانها المليار ؛ و على كلّ حال أنا لست مع صدور
مثل هذه القوانين في بلادنا و لكن يمكن اعتبارها حلّ أخير قد يتمّ اللجوء إليه عند الضّرورة.
و بالطّبع الزّيادة في السّكان لا تكون دائماً سلبيّة , فمثلاً: في القديم كانت الأسر الكبيرة العدد هي المنتشرة و هذا كان إيجابيّاً في ذلك الوقت لأنّه كان
يتلاءم مع ظروف حياتهم الاجتماعيّة القليلة المتطلّبات حيث لا مدارس و لا مصانع و لا بطالة , كما أنّ الزّيادة السّكانيّة تلاءمت مع نمط حياتهم القائم على
التّرحال الدّائم الّذي يحتاج لأعداد كبيرة تتعاون معاً و تقتسم المسؤوليّات فيما بينها.
و قد أضحت الزّيادة السّكانيّة اليوم ضروريّة لإحداث التّوازن بين نسبة الولادات و الوفيّات , و بالتّالي تكون الزّيادة إيجابيّة عندما تكون منظّمة و في إطار الحدود
الطّبيعيّة , و عندما تتلاءم مع ظروف الحياة , و تصبح سلبيّة عندما تخرج عن حدود السّيطرة.
كما يمكن تحويل الزّيادة السّكانيّة من مشكلة اجتماعيّة إلى ظاهرة إيجابيّة و ذلك باستثمارها في الارتقاء بالمجتمع و تحقيق التنمية فيه , فمثلاً عندما يكون
ثلاثة أرباع أفراد هذه الزّيادة هم فئة عاملة تتحوّل الدّولة من نامية إلى دولة متقدّمة , و في هذه الحالة تُحَلّ مشكلة البطالة و تتوافر فرص العمل و بالمقابل
هذا العمل سوف يؤدّي إلى زيادة في الموارد و إلى تنمية الاقتصاد و هذا ما سوف يؤدّي إلى تلبية الاحتياجات السّكانيّة , بمعنى آخر : حلّ مشكلة البطالة
قد يكون هو السّبيل لمعالجة مشكلة الزّيادة السّكانيّة و استثمارها في نفس الوقت.
و في فلسطين المحتلّة يخشى الكيان الصّهيونيّ الغاشم من الزّيادة الكبيرة في عدد الفلسطينيين لأنّها تهدّد وجوده في المنطقة , لذا يرتكب بحقّ
الشّعب الفلسطينيّ أبشع جرائم القتل ليتخلّص منهم , و لكن هيهات منّا الذّل فبلادنا ليست عقيمة و قد اعتادت هذه الأرض الطّاهرة على إنجاب الأبطال.